يعد محمد بن زكريا الرازي (251-313 هـ / 865-925 م) من كبار العلماء الإيرانيين في القرن الثالث الهجري. لقد كان له تأثير كبير لدرجة أن جورج سارتون، في مقدمة كتابه لتاريخ العلوم، يشير إلى النصف الثاني من القرن الثالث على أنه عصر محمد بن زكريا الرازي. كان الرازي أعظم طبيب إكلينيكي في الإسلام والعصور الوسطى وأيضاً فيزيائياً، كيميائياً وفيلسوفاً مستقلاً. يبدو أنه أتقن الرياضيات والفلسفة وعلم الفلك والأدب في مدينة ري. إنَّه يُقال أنه تعلم الكيمياء في سن مبكرة، ثم تحول إلى الطب بسبب مشكلة كانت لديه في عينيه - وهو مجال بدأ بالتدريس لاحقاً وأصبح مشهوراً فيه. كونه قريباً من أبو صالح المنصور، حاكم ري، هو أصبح مديراً للمستشفى المشيد حديثاً في تلك المدينة. في وقت لاحق، شغل نفس المنصب في مستشفى بغداد وتمت دعوته للعديد من محاكم المحافظين، وتلك نتيجة لشهرته المتزايدة المستمرة. كان الرازي مهذباً وأنيساً، وكان يعامل المرضى باللطف والرحمة، ويعفي الضعيف والفقير من التكاليف الطبية. يبلغ عدد منشوراته، من قبل البعض، ما يصل إلى 198، وتصل إلى 237 من قبل الآخرين. لم يبق شيء من أعماله في العلوم الطبيعية والرياضيات وعلم الفلك وفيزياء الضوء. لم تكن اهتمامات الرازي تتعلق بالجوانب العلمية للطب فقط، بل كانت طبيباً حقيقياً في النظرية والتطبيق. ملاحظاته التي وصف فيها بدقة عملية شفاء مرضاه لا تزال موجودة في أيامنا هذه. أشهر أعماله في الطب كتاب "الحاوي". ومن بين أعماله الأخرى، يمكن ذكر كتابي "الطب الملوكي" و"المنصوري". فضلاً عن ذلك، كما أنّ له بعض الأطروحات في عدة الأمراض أهمها "الجُدَري والحَصبَة". لقيت هذه الرسالة استقبالاً حاراً من الأوروبيين المتفاجئين وكانت من أفضل الرسائل القديمة في الطب. لديه رسالة أخرى عن المثانة وحصوات الكلى قد تم نشرها بالفرنسية في لندن. كتب الرازي أيضاً بعض الكتب في الفلسفة واللاهوت والروحانية والخلافات الدينية والفلسفية. إنما أصيب الرازي بمرض في العين في نهاية حياته بسبب الإفراط في دراسة الكيمياء، وفي النهاية فقد البصر تماماً وتوفي سنة 313 هـ.